أبو موسى الأشعري
هو الصحابي أبو موسى عبد الله بن قيس الأشعري الكوفي، من أعلام الصحابة ـ رضوان الله تبارك وتعالى عليهم أجمعين ـ
وأمه هي طيبة بنت وهب وقد أسلمت.
وقد قدِم أبو موسى على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قبل هجرته إلى المدينة فأسلم على يديه، وهاجر أبو موسى إلى الحبشة حين هجرة المسلمين إليها،
ثم هاجر إلى الرسول بالمدينة المنورة، مع أصحاب السفينتين، بعد فتح خيبر،
فأسهم له النبي منها، ولم يُسهم منها لأحدٍ غاب عن فتحها غير أبي موسى وأصحاب السفينتين.
وقد قال الحافظ السجستاني في كتابه: "شريعة القارئ": إن أبا موسى له فضيلة ليستْ لأحدٍ من أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: هاجر ثلاث هجرات، هجرة من اليمن إلى رسول الله بمكة، وهجرة من مكة إلى الحبشة، وهجرة من المدينة إلى الحبشة، ولذلك يقال له إنه صاحب الهجرات الثلاث.
وقد روى أبو موسى عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ثَلثمائةٍ وستين حديثًا، وقد استعمله النبي ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ على عدنٍ وزَبيدٍ وساحل اليمن،
واستعمله عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ على الكوفة والبصرة، وشهد وفاة أبي عبيدة بالأردن، وخطبة عمر بالجابية، وقدِم دمشق على معاوية.
وكان أبو موسى رجلاً سليم النِّيَّة طاهر القلب، كثير العبادة والتهجُّد، كثير الصيام والقيام،
وكان يتحرَّى اليوم الطويل الشديد الحرِّ، في أشدِّ شهور السنة قَيْظًا، ويَصومه ليُعَوِّدَ نفسه الصبر والاحتمال.
ويُضيف كتابي: " فدائيون في تاريخ الإسلام " (انظر صفحة 268من كتابي "فدائيون في تاريخ الإسلام" فهناك ترجمته مبسوطة)
قوله عن أبي موسى: ومع ذلك كان بارعًا في الجهاد، صاحب شجاعة وإقدام، حتى قيل إن الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ قال فيه: "سيد الفوارس أبو موسى الأشعري".
وقد اشترك مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في غزوة "ذات الرقاع" التي أعطت صورة من صور الاحتمال لخُشونة الجهاد،
وكانت في السنة الرابعة للهجرة، وفيها يقول أبو موسى: "خرجنا مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في غزاةٍ، ونحن ستةُ نَفَرٍ نتبادلُ الركوبَ، وتقرَّحتْ أقدامنا، وتقرَّحت قدماي، وتساقطتْ أظفاري، فكُنَّا نَلُفُّ على أرجلنا الخِرَقَ، فسُميت غزوة ذات الرِّقاع، لمَا كنا نعصبُ على أرجلنا من الخِرَق".
وكذلك خرج أبو موسى الأشعري مع عمه أبي عامر الأشعري في سَريَّة فدائية إلى وادٍ في ديار هوازن، يُقال له الأوطاس،
ليُهاجموا أعداءهم، وكان عمه هو قائد السرية وحدث أن رمى بعض الأعداء سهمًا فأصاب أبا عامر في رُكبته إصابةً دقيقةهنا أسرع أبو موسى الأشعري إلى رامي السهم وقتله،
ثم عاد فنزع السهم من رُكبة عمه أبي عامر، ولكن أبا عامر أحسَّ بالموت بعد قليل، فأناب عنه أبا موسى في قيادة السرية، وقال له انطلقْ إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأقرئه مني السلام وقلْ له: استغفرْ لأبي عامر، ومضى أبو عامر إلى ربه شهيدًا.
رضوان الله على الجميع.