حول مقتل الإمام عليٍّ وقبْرِهِ
السؤال: قرأتُ في بعض الكتب أن الإمام علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه وكرم الله وجهه ـ، حينما قُتِلَ ركب فوق ناقة، وأخذ يسير بها في الأرض إلى ما شاء الله تعالى، فهل هذا صحيح؟
الجواب:
المعروف تاريخيًّا أن الإمام علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه وأرضاه ، وكرم الله وجهه ـ قد مات قتيلاً شهيدًا مجيدًا، وأن الذي قتله هو أحد الخوارج عبد الرحمن بن مُلجَم المُرادي، وكان هذا الخارجي قد تآمرَ هو وآخران على قتل علي ومعاوية وعمرو بن العاص؛ لأن الخوارج كانوا يقولون بتكفير هؤلاء الثلاثة، كما يقولون بتكفير كل مَن لم يوافقهم على آرائهم وأهوائهم، وقد نجا معاوية وعمرو، ولكن عليًّا ـ رضي الله عنه ـ مضى إلى ربه شهيدًا كريماً.
وأما ما يذكرونه من أن علي بن أبي طالب بعد أن مات ركب فوق ناقة أو دابة أخرى إلى حيث شاء الله، فهذا كذبٌ مُختلَق باتفاق أهل العلم، فإن الإمام عليًّا لم يوصِ بشيء من ذلك، ولا فعل معه ذلك، ولا يَحِلُّ شرعًا أن يُفعل ذلك بأحدٍ من موتى عوامِّ المسلمين، فكيف بالإمام الشهيد المجيد علي ـ كرم الله وجهه ـ؟
وكذلك لا صحة لما يُقال من أن أهل البيت بعد وقعة كربلاء قد أُركبوا إبلاً خلق الله لها سنامينِ، وهي البخاتيُّ، وهذا مما افتراه الزنادقة المنافقون الذين قصدوا الطعن على الإسلام، وكذلك افتروا علَى عليٍّ أنه نُصِّبَ به فمَرَّ عليها الجيش بخيبر، فوطِئَتْهُ البغلة، فقال لها: قطع الله نسلك. وكل عاقل يعلم أن البغلة لم يكن لها نسل منذ خلقها الله ـ تبارك وتعالى ـ، وفوق هذا لم يكن من الدواب بغلة في يوم خيبر.
هذا وقد اختلف العلماء في تعيين قبر الإمام علي، ولكن المشهور أنه قد دُفن بقصر الإمارة في الكوفة، ولكنهم لم يُظهروا قبره، لئلا يَنبشه الآثمون من الخوارج، فقد بغوا ونسبوه إلى الكفر، واستحلوا قتاله وقتله ـ رضوان الله عليه ـ وقد ذكر هذا كله في كتاب "مختصر الفتاوى المصرية".
وكذلك قال ابن تيمية إن المشهد الموجود في النجف، والذي يقال عنه إنه قبر الإمام علي، ليس قبرًا حقيقيًّا للإمام علي، وقد قيل عن هذا المشهد إنه قبر عليٍّ بعد وفاته بنحو ثلاثمائة سنة.
وسواءً كان قبر الإمام علي هنا أو هناك أو هنالك، فإن المهم في نظر المسلم المستقيم هو الانتفاع بسيرة هذا الإمام المجاهد العظيم، ابن عم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وزوج البتول الطاهرة الزهراء فاطمة بنت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم.