س: يقال إن السيدة فاطمة بنت النبيّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ ترى وجوب الفصل بين الرجل والمرأة، فهل هذا صحيح؟
ج: روى البخاري ومسلم أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لما بلغه أن عليًّا ـ رضى الله عنه ـ سيتزوّج على ابنته فاطمة لم يوافِق على ذلك وقال:" فاطمة بضعة منّي يَريبني ما راباها ويؤذيني ما آذاها" وروى البزار والدارقطني من حديث علي ـ رضى الله عنه ـ أنه قال: كنت ذات يوم عند رسول الله ، صلى الله عليه وسلم، فقال:" أي شئ خير للمرأة" ؟ فسكتنا جميعًا ولما رجعت سألت فاطمة فقالت: ألا ترى رجلاً ، ولا يراها رجل. ثم أخبرت بذلك رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال:" مَن علّمك هذا"؟ فقلت: فاطمة، قال:" إنها بضعة منِّي" وفي بعض الروايات أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ هو الذي سألها ذلك، ولما أجابت ضمّها إليه وقال:" ذُرِّيّة بَعضُها من بَعضٍ " يقول العراقي في تخريج أحاديث " إحياء علوم الدين " للإمام الغزالي ج 2 ص 43 إن سنده ضعيف.
فالحديث وإن كان معناه صحيحًا إلى حد كبير، إلا أن نسبتَه إلى الرسول صلّى الله عليه وسلم نسبة ضعيفة السند، وليس كل معنى مقبول يلزم أن يكون صادرًا عمّن نسب إليه، فأما كون فاطمة بضعة من أبيها عليه السلام فذلك صحيح لا شك فيه، وأما كون الرأي وهو عدم اختلاط الرجال بالنساء إلا في أضيق الحدود، مقبولاً فإن الواقع يشهد له، والأدلة في القرآن والسنة بعمومها تؤيّده، وإن كانت نسبته إلى السيدة فاطمة ـ رضي الله عنها ـ غير مجزوم بها.
هذا، وما جاء في الكتب المطبوعة حديثًا من أن هذا الحديث صححه الترمذي وابن حبان وأخرجه الأربعة لا يُطابق الواقع بعد البحث والتحرِّي، ويُرجي تدارك ذلك في المستقبل إن شاء الله" موسوعة الأسرة تحت رعاية الإسلام ـ ج 2 ص 93 "، و" الصبان على هامش مشارق الأنوار" ص 162.