التوكيل في عقد الزواج
السؤال: لي شقيق أُحِبُّه حبًّا كبيرًا، فهل لي أن أوكله عني في الإشراف على عقد زواج بناتي؟ وما حُكم الشرع في ذلك؟
الجواب:
الأب هو ولي ابنته في الزواج، فله حقُّ تزويجها بعد مُشاورتها، وأخْذ رأيها، وكل عقد يجوز للإنسان أن يَعقده بنفسه، يجوز له أن يُوكِّل فيه غيره، وقد قام رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بدور الوكيل في عقد الزواج لبعض صحابته.
وعلى هذا يجوز التوكيل في عقد الزواج، ما دام الوكيل صالحًا للوكالة.
وقد رُوي أن العباس بن عبد المطلب زوَّج أخت زوجته لرسول الله عليه الصلاة والسلام. وأخت زوجته هي ميمونة بنت الحارث ـ رضي الله عنها ـ وكانت ميمونة قد جعلت أمر زواجها إلى أختها "أمِّ الفضل" زوجة العباس، فجعلت أمُّ الفضل أمرها إلى زوجها العباس، فزوَّجها لرسول الله ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ وكان ذلك في السنة السابعة للهجرة.
وكذلك يُروى أن النجاشي كان وكيلًا في الحبشة عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ
في تزويجه أم حبيبة بنت أبي سفيان ـ رضي الله عنها ـ فقد روت أن جارية النَّجاشي دخلت عليها فقالت لأمِّ حبيبة: إن المَلِكَ يقول لك: إن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كتب إليَّ أن أقوم بتزويجك له ففَرِحَتْ أمُّ حبيبة وقَالت للجارية: بَشَّرَكِ الله بالخير.
فقالت الجارية: يقول لك المَلِك: وعلي مَن يزوجك. فوكَّلت أم حبيبة خالد بن سعيد بن العاص وكيلًا عنها فِي عَقْدِ زَوَاجِهَا، وَلَمَّا كَانَ العَشي اجتمع الناس وخَطَبَ النجاشي فقال: "الحمد لله المَلِك القدوس المؤمن العزيز الجبار، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله،
وأنه الذي بَشَّرَ به عيسى ابن مريم.
أما بعد: فإن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ طَلَبَ أن أُزَوِّجَهُ أمَّ حبيبة بنت أبي سفيان،
فأجبت إلى ما دعا إليه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقد أَصْدَقَهَا أربعمائة دينار".
وتكلَّم خالد بن سعيد بن العاص فقال: "الحمد لله، أحمده وأستغفره وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، أما بعد: فإني قد أجبت إلى ما دعا إليه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وزوجته أم حبيبة بنت أبي سفيان، فبارك الله لرسول الله صلى الله عليه وسلم". ودفع النجاشي الدنانير إلى خالد بن سعيد فَقَبَضَهَا. وكان ذلك سَنة سِت.
ويُروى أن الذي تولَّى العقد وكيلًا عن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ هو عمرو بن أُميَّة الضَّمري؛ لأن الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ وَكَّلهُ في ذلك. وأما النجاشي فهو الذي قام بدفع المهر فأسندوا الزواج إليه. والله ـ تبارك وتعالى ـ أعلم.