العِبَادَةُ فِي حَالَة النِّفَاسِ
السؤال: لماذا تَمتنع المرأة بعد الولادة عن الصوم والصلاة أربعين يومًا، بدَعْوَى أنها ليستْ طاهرة؟ هل هذا شيء صحيح يُقِرُّه الدِّينُ؟ وإذا كان ذلك صحيحًا، فما هي الواجبات الشرعيَّة التي تجب عليها؟ وهل يجب عليها بعد انقضاء الأربعين يومًا الصَّوْم من جديد، وقضاء الصَّلَوَات التي تَركتْها؟
الجواب:
يَجب على المرأة إذا كانتْ في حالة الحَيْض أو في حالة النِّفاس أن تُفْطِرَ رَمَضَانَ، ولا يجوز لها أن تصوم، لا صَوْمًا مفروضًا، ولا صومًا مَسْنونًا، ولا صومًا لِقَضَاءِ أيَّام عليها، ويَلْزَمها أن تَقْضِيَ أيام الصَّوْم التي فاتتْها مِن رمضانَ، بَعْدَ زوال حالة الحَيْض أو النِّفاس عنها، ولو صامَتْ المرأة ـ وهي حائض أو وهي نفساء ـ كان صومُها فاسدًا وحرامًا.
وكذلك يَحْرُمُ على المرأة أن تُصلِّي صلاةً مفروضة أو مسنونة أو فائتة، وهي في حالة الحَيْض أو حالة النِّفاس، ولا يَلْزم المرأة قضاء الصلَوَات التي فاتَتْها في وقت الحَيْض، أو في وقت النِّفاس؛ وذلك لأن السيدة عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت عن دَمِ الحَيْض: "كان يُصِيبُنا ذلك على عَهْد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فنُؤْمَر بقَضَاء الصَّوْم، ولا نُؤْمَر بقضاء الصلاة".
كما أن السيدة عائشة ـ رَضِيَ الله عنها ـ سُئِلَتْ: أَتَقْضِي الحائض الصلاة؟. فأجابتْ: لقد كُنَّا نَحِيضُ عند رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فلا نَقْضِي ولا نُؤْمَر بالقضاء.
ولقد اتَّفق فُقهاء المسلمين على أنه يَجِبُ الفِطْر في رمضان ـ ومن باب أَوْلَى في غيره ـ على المرأة الحائِض والنُّفَسَاء، ويَحْرُم عليهما الصِّيام، وإذا صامَا لا يَصِحُّ صومهما، ويَقع باطلاً وعليهما قضاء ما فاتهما.
ومن هذا نفهم الجواب عن السؤال المذكور، وهو أن المرأة يجب عليها أن تَمتنع عن الصَّوْم والصلاة بعد الولادة لمدة أربعين يومًا؛ لأن هذه المدة هي مُدَّة النِّفاس، وأنها بعد الانتهاء من نِفَاسها، تَقْضِي ما فاتها من أيام رمضان، ولكنها لا تَقْضِي ما فاتها من صلوات.
والحكمةُ في مَنْع النُّفَسَاء من الصلاة أنها تكون عُرْضَةً لعدم الطَّهارة في أغلب الأحيان، وكذلك الحائِض، كما أن المرأة في حالة النِّفاس تكون مشغولة بولدها، ولا تستطيع أن تتحرَّز من فضلاته ونجاسته.
والحِكْمة في مَنْعها من الصَّوْم أنها بجوار عدم قُدْرتها على الطهارة تكون مُجْهَدَة، وتَفْقد في حالة نِفَاسها جزءًا كبيرًا من قوتها ونشاطها، فلا نَزيدُها ضَعفًا عَلَى ضَعْف، إنَّ الله بالَّناس لرؤوف رحيم.