الأخت من الرَّضاع والتزوُّج ممَّن أرضعَتْ
السؤال: لي أخت من الرَّضاع، وقد أرضعتْ هذه الأخت فتاة أخرى في سِنِّ الرَّضاع، وكَبُرَتْ هذه الفتاة وقد أحببْتُها جِدًّا، فهل يجوز لي التزوُّج من هذه الفتاة التي أرضعتْها أختي من الرضاع؟
الجواب:
الرَّضاع المُحرَّم في الإسلام هو أن يجتمع ذكر وأنثى على الرضاع من ثدي واحد. فإذا حدث هذا الرضاع المشترك صار الذكر أخًا لهذه الأنثى، وقد اختلف الفقهاء في عدد الرضعات المُحَرِّم للزواج بين الشخصين المشتركين في الرضاع من ثدي واحد، والمُفْتَى به في بلادنا الآن هو أن الرَّضاع المحرِّم هو ما كان خمس رضعات مشبعات متفرقات متيقَّنات في زمن الرضاع وهو سنتان، سواء تأخّر أحدهما في الرضاع أَمْ تقدَّم أم رَضعا في وقت واحد، ما دام ذلك في سِنِّ الرضاع بالنسبة إلى كل منهما.
فإذا اشترك الاثنان في الرَّضاع خمس مرات فأكثر، وكانت كل رضعة من هذه الرضعات مُشبعة، وكانت منفصلة عن غيرها من الرضعات، وكان هناك تأكيد لوقوعها بشهادة الشهود، فإن أُخوَّة الرَّضاع تكون بينهما، ويَحرُم من هذا الرضاع ما يحرم من النسب.
والدليل على أن الرضاع يحرم به ما يحرم من النسب هو أن القرآن الكريم في آية المحرمات التي أولها
حُرِمَتْ عَلَيْكُم أُمَّهَاتُكم وَبَنَاتُكم) قال
وَأُمَّهَاتُكم الَّلاتِي أَرْضَعْنَكم وَأَخَوَاتُكم مِنَ الرَّضَاعَةِ) (النساء: 23).
ورُوِيَ أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال:"إن الرضاعة تحرِّم ما تحرِّم الولادة" وكذلك قال عن ابنة عمه حمزة التي رضع معها: "إنها لا تَحِلّ لي، إنها ابنة أخي من الرضاعة، ويحرُم من الرَّضاعة ما يحرُم من النَّسب".
والفُقهاء يختلفون في تفاصيل الرَّضاع اختلافًا واسعًا يُراجع في مصادره. وإذا كان فريق من الفقهاء يرَوْن أنه يحرُم أن يتزوج السائل من الفتاة التي أرضعتْها أخته من الرضاع؛ لأنَّها ستكون بذلك بنت أخته، فإن بعض الفقهاء كالظاهرية لا يرَوْن هذا التحريم ويقولون بإباحة الزواج والله ـ سبحانه وتعالى ـ أعلم.