حب الأزواج بين الاقتراب والابتعاد
مشاعر المرأة فيما له علاقة بالحب والبغض تختلف تمامًا عن مشاعر الرجل، ولكي أثبت هذا الكلام تعالي معي أختي القارئة وأخي القارئ لنرى نموذجين لما نقول.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه و سلم ((إني لأعلم إذا كنتِ عني راضية وإذا كنت علي غضبى))، قالت: فقُلت: من أين تعرف ذلك؟ فقال ((أما إذا كنت عني راضية فإنك تقولين لا ورب محمد, وإذا كنت غضبى قلتِ لا ورب إبراهيم))، قالت: قلت: أجل، والله يا رسول الله ما أهجر إلا اسمك [رواه البخاري].
لقد بلغ من دقة عناية الرسول صلى الله عليه وسلم بمشاعر عائشة رضي الله عنها حتى صار يعلم رضاها وغضبها من مجرد كلامها وحلفها في هذا الحديث.
قال الحافظ بن حجر (قول: إني لأعلم إذا كنتِ عني راضية.. إلخ) يؤخذ منه استقراء الرجل حال المرأة من فعلها وقولها فيما يتعلق بالميل إليه وعدمه [فتح الباري]) [من كتاب النبي مع زوجاته، عصام بن محمد الشريف، ص64].
هذا نموذج، أما المثال الثاني فهو:-
(هذه زوجة تشتكي من زوجها، أنها في كل مرة تريد أن تتحدث يقوم هو بالانسحاب، وتشعر أن أمرها لا يهمه، وهي تتعجب لأنه في الوقت الذي تكون فيها علاقتهما مستقرة وهادئة فجأة يبتعد الزوج بدون سبب أو مقدمات، ثم بعد فترة قصيرة يرجع مرة أخرى إلى طبيعته بدون سبب حدث منها أو تقصير) انتهى كلامها.
وهنا نبدأ بالحديث عن مشاعر المرأة وعواطفها، فالمرأة في نظر كثير من الكتاب مثل الموجة، حين تشعر بأنها محبوبة يصعد تقديرها لذاتها ارتفاعًا وانخفاضًا كالموجة، وعندما تكون معنوياتها مرتفعة تكون أكثر قدرة على رؤية كل جميل ورائع في حياتها، ولكن عندما تنكسر موجتها لا تتذكر إلا ما تفتقده في حياتها.
(إن هناك من يشبه بعض الجوانب النفسية للمرأة بأمواج البحر، حيث تتراوح عواطفها ومشاعرها بالارتفاع الشديد عندما تكون مسرورة مبتهجة، لتعود مشاعرها للانخفاض عندما تنزعج، وتضعف ثقتها بنفسها، وما تلبث مشاعرها أن ترتفع من جديد، وهكذا كأمواج البحر المتقلبة، فعندما ترتفع مشاعر المرأة وتعظم ثقتها بنفسها، فإنها تكون مصدرًا لا ينضب للحب والتضحية والعطف والحنان للآخرين وخاصة زوجها.
ولكن عندما تنخفض أمواجها وتشعر ببعض الاكتئاب، فإنها تحس بفراغ كبير في داخلها، وبأنها تحتاج إلى الحب والرعاية من قبل الآخرين، وخاصة زوجها [التفاهم في الحياة الزوجية، د.مأمون مبيض، ص80].
إن قدرة المرأة على تقدير الحب لزوجها تعكس حالة مشاعرها، فعندما تكون في حالة إيجابية فهي تستطيع أن تقدم الحب والعطاء، وإن كانت في حالة سلبية فإنه يصعب عليها تقديم المحبة للشريك الآخر.
وهناك من يشبه انخفاض مشاعر المرأة وعواطفها وكأنها تنزل في بئر أو جب عميق مظلم، وما تلبث المرأة بعد أن تصل إلى قاع البئر ـ خاصة إذا شعرت أن هناك من يحبها ويتمناها ـ أن نبدأ رحلة الصعود للخروج من هذا البئر، وتعود كما كانت نبعًا معطاءً من الحب والرعاية لمن حولها، وخاصة زوجها.
يقول أحد الأزواج: لا أستطيع فهم زوجتي، إنها تكون لعدة أسابيع أروع امرأة؛ تمنح حبها لي ولباقي أفراد الأسرة من غير قيد أو شرط، ثم تصبح فجأة مُثقلة بمدى ما تفعله لكل أحد، وتبدأ تستهجنني، إن كونها غير سعيدة ليس خطئي، أشرح لها ذلك ونتورط في أكبر المشاجرات بدون أن يكون لها داع.