ترك الزوج زوجته
السؤال: هل يصح للرجل أن يترك زوجته مدة طويلة؟ وهل يَحل لها طلب الطلاق في هذه الحالة؟
الجواب:
الحياة الزوجية يجب أن تقوم على التفاهم والتعاون وحسن العِشرة من الجانبينِ؛ لأن العلاقة بين الزوجين ليست علاقة يوم أو أيام، وإنما هي علاقةٌ الأصل فيها أن تبقى وتدوم، ولا تزول إلا إذا تعذَّر بقاؤها، وقد نفهم هذا من مثل قول الله ـ عز وجل ـ: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (الروم:21). كما أن القرآن الكريم قد أشار في آية أخرى إلى أن الحياة الزوجية إما أن تسير بأسلوب كريم، وإما أن تنتهي بأسلوب نبيل، فيقول: (فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ) (البقرة :229).
ومن هذا نفهم أنه لا يجوز للزوج شرعًا أن يترك زوجته مدة طويلة دون ضرورة داعية إلى ذلك؛ لأن الحياة الزوجية تقوم ـ أساسًا ـ على الاجتماع والمُساكنة، والزوجة تحتاج إلى نفقة ورعاية وصيانة، وهذه أمور تُطالب الشريعة بها الزوج فإذا أهملها أو تركها عامدًا كان عاصيًا؛ لأنه يجعل زوجته في هذه الحالة كالمعلقة، فلا هي زوجة متمتعة بحقوقها الزوجية التي تهيئ لها الهدوء والسكينة والطمأنينة، ولا هي حرة تستطيع أن تبحث لها عن طريق آخر في حياتها.
وإذا حدث أن الزوج ترك زوجتَه مدة طويلة، عامدًا متعمدًا، وهو يريد بذلك الإضرار بها والإساءة إليها، فإنه يكون في هذه الحالة مُتَعَنِّتًا مُسيئًا، ويصبح من حق الزوجة أن تتقدم إلى ولي الأمر، وهو الحاكم أو القاضي المختص الذي يُعَيِّنُهُ الحاكم، وتطلب منه التفريق بينها وبين زوجها، فإذا ثَبَتَ لِوَلِيِّ الأمر أن الزوج قد ترك زوجته مدة طويلة دون ضرورة مُلجئةٍ إلى ذلك، وترتَّبَ على هذا الترك أَذًى أو ضَرَرٌ للزوجة، أصدر أمره بالتفريق بين الزوجين، لإزالة الضرر؛ لأن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: "لا ضرر ولا ضرار".