التأمين على الحياة
السؤال: ما رأي الدِّين في نظام التأمين على الحياة؟
الجواب:
إن كلمة التأمين تَدل على الأمن والأمان، وكل الناس يحبون الأمن ويَتطلعون إليه، والقرآن نفسه يقول عن المؤمنين: (الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ) (الأنعام: 82).
ولكنَّ هناك فَرقًا كبيرًا بين الأمن بمعناه اللُّغوي وبين التأمين كنظام في الاقتصاد والمُعاملات. ولو رجعنا إلى المصادر الفقهية الإسلامية الأولى لَمَا وجدنا فيها تَعرضًا لنظام التأمين أو الحكم عليه بالْحِلِّ والْحُرْمة؛ لأن نظام التأمين نظام حديث بالنسبة إلى صدر الإسلام، وبالنسبة إلى عصر التدوين الفقهي الإسلامي؛ لأن أول نَوع من أنواع التأمين لم يَظهر إلا فى وَسَط القرن الرابع عشر الميلادي أي بعد أن مضى عصر الأئمة والفقهاء.
ويُضاف إلى ذلك أن نظام التأمين بأنواعه المُختلفة قد دخل بلاد الإسلام عن طريق شركات أجنبية استعمارية، في وقت كان الاستعمار الأجنبي يَفغر فاه لالتهام ثروات البلاد الإسلامية والشعوب الإسلامية، ولعلَّ هذا هو الذي جعل المسلمين ينظرون إلى نظام التأمين نظرة الشك والارتياب؛ ولذلك اختلفوا في حكمه، فمنهم مَنْ يقول بحُرمته، وخاصةً التأمين على الحياة أو النفس؛ لأن الأقدار بيد الله، والأعمار يحددها الله، والتأمين كذلك نظام قائم على الجَهَالَة والتغْرِير، وفيه التعامل بالرِّبا، وفيه شُبهة المُقامرة، وفيه عدم الثقة بالقضاء والقدر ومع هذا يوجد بعض الفقهاء الذين يقولون: "إن التأمين حلال لا مانع منه، ويَقيسونه على نظام المُضاربة أو الكَفالة".
ومِمَّا يُذكر في هذا الباب أيضًا أن عالمًا كبيرًا من أعضاء مَجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف تَقَدَّمَ إليه ببحث فِقهي يُجيز فيه نظام التأمين، ولكنَّ المَجمع لم يُصدر رأيه الفاصل في الموضوع حتى الآن، والمَأمول أنْ يَنتهي كما ذكر من استطلاع آراء العلماء في البلاد الإسلامية ومُواجهة المسلمين الفتوى الصريحة الواضحة في هذا الموضوع.
والله ـ تبارك وتعالى ـ أعلم.