الرِّشوة للحصول على عمل
السؤال: هناك رجل يبحث عن عمل له، ولابد من تقديم رِشوة للحصول على هذا العمل، وقد اضطر إلى تقديم هذه الرِّشوة ليَحصل على العمل الذي يَحتاج إليه ليأكل منه، فما حكم ذلك؟
الجواب:
روى أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن سيدنا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه لَعَن الرَّاشي والمُرتشي في الحُكم، والرَّاشي هو الذي يُعطي الرِّشوة، والمُرتشي هو الذي يَأخذ الرِّشوة، وقد رَوَى هذا الحديث أبو داود وأحمد والترمذي بسند صحيح، وفي رواية للإمام أحمد: "لَعَنَ الله الرَّشَّاي والمُرتشي والرَّائِش الذي يَمشي بينهما"، واللَّعن يقَتضي التَّحريم والرِّشوة في الأصل ما يُعطَى لإبطال حق، أو لإحقاق باطل، وهي بهذا المعنى حرام على الطرفين باتفاق، كما أنها حرام على الحاكم مُطلقًا. وقد جاء في هذا قول الله تبارك وتعالى في سورة البقرة: (وَلَا تَأْكُلُوا أمَوْاَلَكُمْ بَيْنَكُم ْبِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (البقرة: 188).
أمَّا إعطاء الإنسان المضطر رِشوة للوصول إلى حقه، أو لدفع ظُلم عن نفسه أو أهله، فلا بأس به، وقد ذهب إلى هذا بعض التابعين حيث قالوا: "إنه لا بأس في أن يُصانع الإنسان عن نفسه وماله إذا خاف الظلم".
ويَرى الإمام الشوكاني أن تحريم الرِّشوة مطلق غير مُقَيَّد بتخصيص، وقد رَدُّوا عليه بأن الضرورات تُبيح المحظورات، وعلى هذا فلو لم يَجد الإنسان طريقة أخرى يَحصل بها على ما يَتَقَوَّتُ به ويَحفظ نفسه من الهلاك، فلا بأس بدفع الرِّشوة في هذه الحالة.
والله ـ تبارك وتعالى ـ أعلم.