المسجد الاقصي

المسجد الأقصى

المسجد الأقصى في نظر المسلمين هو أولى القبلتين وثالث الحرمين، وهو أحد المساجد الثلاثة المقدسة التي خصها الله جل جلاله بمزيد من التنويه والتكريم، والتي شَرعَ اللّه للمُسلمين أن يَرحلوا إليها بِنيّة عِبادة الله فيها والتّقرّب إليه عندها، فقال رسولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلّمَ:" لا ُشَدُّ الرِّحالُ إلا إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام، ومسجدي هذا بالمدينة والمسجد الأقصى ببيت المقدس " يعني القدس.
ومن خصائص المسجد الأقصى أن الله تبارك وتعالى جعله واسطة العقد في حادثة الإسراء والمعراج، وهي إحدى معجزات النبي صلوات الله وسلامه عليه، والمسجد الأقصى أحد مسجدين اثنين صرح باسمهما القرآن، وهما المسجد الحرام في مكة والمسجد الأقصى في فلسطين، فقال عز من قائل سُبْحَانَ الذِي أَسْرَى بِعَبْدِه لَيْلاً مِنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ إِلَى المَسْجِدِ الأَقْصَى الذِي بَارَكْنَا حَوْلَه لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ) ( الإسراء 1 ).
ولقد كان المسجد الأقصى خاتمة لرحلة الإسراء في الأرض، ثم كان فاتحة لرحلة المعراج في السماء، ثم جعله الله خاتمة لرحلة العودة من المعراج، وفاتحة لرحلة العودة من الإسراء، وكأن الله تبارك وتعالى يريد بذلك أن يشير إلى أن المسجد الأقصى وما حوله هو واسطة عقد الوطن المسلم، وأنه يجب على أبناء الإسلام وأتباع محمد عليه الصلاة والسلام ـ صاحب الإسراء والمعراج – أن يُعْنَوا كل العناية بشأن هذه القطعة الغالية من أوطانهم.
ولقد كان من الشرف الكبير للمسجد الأقصى أن صلَّى فيه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليلة الإسراء والمعراج، وصلّى وراءه الأنبياء والمُرسلون، فكانت صلاة مشهورة ترمز إلى أن مواريث النبوات والرسالات قد انتهت إلى يد الرسول الخاتم الذي يقول له ربه ومَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ) [ الأنبياء 107 ].
ولذلك جعل النبيُّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ الصلاة في المسجد الأقصى أفضل من خمسمائة
صلاة في سواه، باستثناء المسجد الحرام ومسجد المدينة المنورة، وقال صلوات الله وسلامه عليه عن المسجد الأقصى: "ائتوه فصلُّوا فيه، فإن لم تأتوه وتصلُّوا فيه فابْعثوا بزيت يسرج في قناديله".
وجاء في الحديث النبوي:" مَن ماتَ في بيت المقدِس فكأنَّما مات في السّماء " وهو يقصد بطبيعة الحال من مات على الإسلام طائِعًا ربَّه ونبيَّه.
وجاء في الفقه الإسلامي أنه يستحبُّ النية والإهلال بالحج والعمرة من بيت المقدس للحديث الذي يقول:" مَنْ أَهَلَّ بِحجّة أو عمرة من المسجد الأقصى غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه ". وذلك إذا توافرت التوبة الصادقة والاستقامة على الصراط.
ولقد توالت عناية المسلمين بالمسجد الأقصى خلال القرون المتوالية، وظلوا يحرصون على عمارته وصيانته، ويؤلفون الكتب عن تاريخه وفضائله، ويتعودون الاعتكاف فيه، وخاصة في الثلث الأخير من شهر رمضان المبارك، وظل الأمر كذلك حتى حدثت النكبة الأليمة في صيف 1967 واحتل الصهاينة القدس، وأقدموا على جريمتهم الشنيعة: جريمة إحراق المسجد
الأقصى، مما أثار كل مشاعر الغضب الجارف والحزن العميق عند كل مسلم، وعند كل عربي من المحيط إلى الخليج، وإن أنظارنا تتطلع الآن إلى المسجد الأقصى المحترق في القدس المحتلة عاصمة فلسطين المغتصبة، تتطلع إلى المسجد الأقصى وهو يعاني من قوة الشر والبغي والظلام ما يعاني، ومهما كان ما نشعر به الآن فان دعانا إلى الله تبارك وتعالى يتجلجل خاشعًا وعميقًا في أن يَهَبَنا القوة والمقدرة لكي نطهر أرضنا ومقدساتنا من ظلمات الشر والفساد، ويومها تعود القدس إلى أهلها، وتتردد في جنبات المسجد الأقصى كلمات التسبيح والتكبير لقيوم السموات والأرض، ويومئذ يفرَح المؤمنون بنصر الله ينصُر من يشاء وهو العزيز الرحيم، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

بارك الله فيكى اختى